برنامج في إحدى المحطات الإذاعية المحلية يفتح الاتصال الهاتفي للمستمعين الباحثين عن حلول لمشكلاتهم الأسرية والزوجية وطرحها أمام أحد المختصين النفسيين على مسمع من الخلق أجمعين.
لا يمكن لعاقل أن يطرح مشكلاته مع زوجته أو مع أبنائه عبر "الأثير"، لا أحد في كامل قواه العقلية يقبل أن ينشر "غسيل" منزله على الهواء ليسمع به القاصي والداني، ومن يفعل ذلك فهو إما مريض نفسي أو بنصف عقل.
ذلك البرنامج يجد رواجا بين المستمعين، وطوابير المتصلين عليه لا تنقطع، والكل يتحدث عن مشكلاته بشكل "مقزز".. كل من يستمع للبرنامج لا بد أن تثيره الشفقة على هؤلاء المتصلين، وربما الوحيدان اللذان لا يشفقان عليهم هما المذيعة والمختص النفسي، بل إن الأخير يتفوق على المذيعة بامتلاكه سلوكا قريبا من السلوك الشيطاني يجعله يسأل في أدق التفاصيل قبل أن ينصت لأجوبة هؤلاء المغفلين والمرضى النفسيين حد "المتعة".. موهمهم بأنه "سبع البرمبة" ومن بيده الحلول لكل مشكلاتهم.. حتى المعاشرات الزوجية التي يفترض ألا يطلع عليها أحد يبحثها هذا المختص وعلى مسمع من المذيعة والقاصي والداني دون أي وازع إنساني أو أخلاقي.
لا أنكر أهمية الطب النفسي، ولا أهمية الحلول التي يمكن أن يقدمها لنا الإخصائيون الاجتماعيون والنفسيون، ولكن يجب أن تبحث تلك المشكلات وتطرح الحلول مع من يحتاج في الغرف المغلقة كعيادة الطبيب أو المختص، لا أن يتم بحثها على مسمع من العالم.
ما يحدث في مثل هذا البرنامج ليست نصائح كما يوهموننا، وأن هدفها وضع الحلول لمن لديه مشكلة أسرية سواء مع زوجته أو والديه أو أبنائه، بل هي فضائح لا غاية منها إلا الربح المالي، والبحث عن أكبر نسبة من المستمعين الفضوليين والمتفرغين للاطلاع على خصوصية الآخرين.
وزارة الإعلام التي تمنح الفسوح لمثل هذه الإذاعات مسؤولة عن رقابة ما يطرح فيها، والوقوف بحزم وبقوة أمام كل استغلال للبسطاء والاقتيات على مشكلاتهم والاطلاع على خصوصياتهم ونشرها على الهواء، ويجب أن تضطلع بدورها كما فعلت مطلع العام الجاري عندما منعت تقديم البرامج المتخصصة في تفسير رؤى الأحلام بعد أن وجدت فيها تجاوزات شرعية تعود بالضرر على الفرد والمجتمع.