تبدأ معاناة "أم علي" وأبنائها المعاقين الثلاثة عندما تخرج من منزلها برفقة فلذات كبدها بحثاً عن سيارة أجرة تقلها إلى المستشفى الذي لا تغيب عن مراجعته أكثر من أسبوع.
تتوقف أمام الشارع العام في جدة وسط الأجواء شديدة الحرارة. تنتظر لعل أحد سائقي الأجرة يعطف عليها، وينقلها وأبناءها الثلاثة وكراسيهم المتحركة الثقيلة التي تحتاج لسائق ذي أعصاب فولاذية، وقدرات جسدية مناسبة.
تقول أم المعاقين الثلاثة: دائماً ما أقف قرابة الساعة، وتمر أمامنا عشرات
السيارات.
وحتى عندما يتوقف سائق أجرة بعد معاناة وانتظار يطلب مبلغاً
كبيراً، يصل أحياناً إلى ٣٠٠٪ من الأجرة الفعلية للمسافة نفسها، ونضطر
لدفعها حتى لا يفوتنا موعد المستشفى.
معاناة أم علي بدأت منذ طلاقها قبل سنوات عدة؛ إذ اضطرت إلى استئجار شقة
يصل إيجارها إلى ٣٠ ألف ريال سنويا؛ لتتناسب واحتياجاتها وأبنائها الثلاثة،
الذين يعانون شللاً، يبدأ معهم حين يصلون سن العاشرة، ويبلغ أكبرهم سن الـ
18 عاماً، وهو مشلول؛ لا يستطيع الحركة إلا بمساعدة، والثاني 11 عاماً،
وهو أيضاً مشلول، والثالث عبدالواحد 9 سنوات، ويمر بمراحل أخوَيْه المرضية
نفسها، وبدأ في مرحلة عدم القدرة على المشي.
وعانت أمهم الكثير من مرض أبنائها في ظل عدم وجود من يساعدها بعد طلاقها؛
إذ أصبحت العائل الوحيد لهم رغم عدم امتلاكها منزلاً يؤويها وأبناءها.
أم علي لا تملك دخلاً إلا الضمان الاجتماعي، الذي بالكاد يكفي للأكل
والشرب، ولا يغطي الإيجار السنوي ولا مصاريف العلاج؛ وتتخلى وأبناؤها عن
كسوة العيد الذي لم يفرحوا به منذ سنوات، وخصوصاً أن مالك المنزل طلب منهم
سرعة دفع الإيجار أو الخروج للشارع.